من القلب / عندما ينسى اللبنانيون السياسة والساسة
فنانون: مي سربيه شهاب
عندما ينسى اللبنانيون السياسة والساسة

عندما ينسى اللبنانيون السياسة والساسة

من ينظر إلى ما آلت إليه الأوضاع في لبنان من سياسية إلى اقتصادية واجتماعية وامنية يتيقن أن أمامه بلداً قصته ولا أسطورة يونانية، ففيه من العجب الذي يجعل المرء في حالة استغراب دائم.

ففي آخر جلسة للجنة الأشغال العامة والنقل النيابية انفجر الوضع بين النواب مما أدى إلى تراشق الاتهامات والشتائم وزجاجات المياه حول من يتحمل مسؤولية انقطاع الكهرباء، فمنذ أكثر من ثلاثين سنة، لم ينعم لبنان بوجود الكهرباء 24 ساعة في اليوم، كما في معظم دول العالم، ورغم الأموال الطائلة التي صرفت منذ عشرات السنوات على هذا القطاع ما زال لبنان يغرق في العتمة لساعات طويلة، ورغم تفاقم أزمات هذا البلد الصغير تشعر بأن أبناء الوطن الواحد ما عادوا قادرين على التفاهم والتحاور وهو هذا الوجه القبيح للبنان، ولكن والحمد لله، هناك وجه آخر لهذا الوطن الصغير، فأبناء لبنان المتعلمين والمثقفين هم ثروته الحقيقية وهم وحدهم القادرين على إزالة همّ وغمّ الطبقة السياسية التي تقبض على أنفاس الشعب وتمنع عليه التنفس إلا ليشمّ رائحة النفايات العضوية والسياسية، الأسبوع الماضي عُقد مؤتمر علمي لطب الأطفال في أثينا، ضم عدداً كبيراً من الأطباء اللبنانيين بالإضافة إلى أطباء يونانيين وغيرهم من الجنسيات، واحتفالاً بالأطباء اللبنانيين أقامت سفيرة لبنان في اليونان ميرنا الخولي حفل عشاء كبير في مقر إقامتها دعت إليه الأطباء اللبنانيين المشاركين في المؤتمر بالإضافة إلى أطباء لبنانيين مقيمين في أثينا وعدداً من الأطباء المشاركين في المؤتمر، ورغم اختلاف وتنوع الطوائف والانتماءات السياسية للمدعويين، ولكن يتحول اللبنانيون في الخارج إلى كتلة واحدة يجمعهم حب لبنان، بدبلوماسيتها وعفويتها ولياقتها كانت السفيرة ميرنا الخولي تحادث الجميع وتجعلهم يشعرون بأن بيت السفيرة هو بيت اللبنانيين جميعاً فكانت تردّد هذا بيتكم وبفعل روح المحبة السائدة غنى الحاضرون أغنيات لبنانية تراثية وختموا السهرة منشدين النشيد الوطني اللبناني... وكانوا يتحاورون ويتبادلون الضحكات والطرائف والأحاديث الطيبة والاجتماعية بعيداً عن السياسة وأهل السياسة.

مع كل مرة أقول فيها أنه لا أمل وبأن الأوضاع في لبنان معقّدة أكثر من أية بارقة تفاؤل أعود وأقول قد يتجدّد الأمل وقد تبدو في الأفق رياح إقليمية ومحلية تعيد البهجة إلى هذا الوطن الصغير، اللبنانيون يتخاصمون يتحاربون ولكنهم يعرفون أن لبنان هو بلدهم الذي لا غنى لهم عنه.