مسلسل / صباح: تعبت من العطاء وأحياناً أطلب من الله أن يأخذني لأرتاح
فنانون: صباح
صباح وفريد الأطرش في بيت محمد بديع سربيه في بيروت

صباح: تعبت من العطاء وأحياناً أطلب من الله أن يأخذني لأرتاح

*عشت قصة حب مع عبد الحليم وأصبحنا بعدها صديقين

* عشت قصة حب مع رئيس وزراء عربي ورئيس وزراء لبناني

* رفضت أن أقابل رئيس الجمهورية شارل حلو لأنه لم يحدّد لي موعداً لأقابله

 

عام 2008 أجريت حواراً صحفياً مع الفنانة الكبيرة الراحلة صباح وفي هذا الحوار روت فيه العديد من ذكرياتها مع نجوم الفن ومع زعماء وسياسيين فماذا قالت لنقرأ سوياً الحوار.
مي سربيه شهاب
*  *  *
 
الحديث مع صباح لذيذ وثري بالذكريات والقفشات، صحيح أني أجريت أحاديث كثيرة معها ولكن دائماً هناك ما يكون مادة للحوار، وإن كان طابع الذكريات قد غلب على هذا الحديث فلأن الصبوحة كنز لا ينضب من الذكريات. 
 
• يقال إنك ستمثلين قصة حياتك في مسلسل تلفزيوني وستشاركك البطولة رولا سعد، هل هذا صحيح؟
- هناك تفكير في هذا الموضوع ولكني لم أقرأ شيئاً بعد من السيناريو، وعموماً أنا أتمهّل كثيراً، خصوصاً بعدما شاهدت مسلسل وردة الأخير وكذلك مسلسل عمر الشريف، فإن عدم نجاحهما يجعلني أتأنّى كثيراً في أية خطوة، وأنا اقترحت أن يكون المخرج هو أحمد يحيى الذي سبق وأخرج لي فيلم «ليلة بكى فيها القمر»، فإذا ضمن لي مستوى معيناً قد أنفّذ المسلسل، وإلاّ سأعتذر لأني لا أريد أن أقضي ما تبقّي من حياتي نادمة على عمل.
 
• هل ستمثلين في هذا المسلسل؟
- نعم، فقط في الحلقة الأخيرة منه، والباقي كله لـ:رولا سعد.
 
• لماذا رولا وليس ممثلة أخرى؟
- رولا طيبة جداً، ومعي تتعامل بشكل راقٍ جداً، ومهما فعلت لن أستطيع أن أكافئها، وهي إنسانة محبة وتستحق النجاح، وقد نجحت في السينما والغناء.
 
• سبق وقدّمت قصة حياتك على محطة «المستقبل» ماذا سيضيف المسلسل الجديد لما قدّمته سابقاً؟
- المسلسل الذي عرض في قناة «المستقبل» عن حياتي كان عملاً وثائقياً، بينما المسلسل الذي أعدّ له هو مسلسل درامي يتضمن استعراضات وقصة.
 
• هل ستقولين في هذا العمل ما لم تقوليه في العمل السابق؟
- لا، لأني في قصة حياتي التي رويتها لقناة «المستقبل» رويت كل شيء، وكنت واضحة، وأنا بطبعي ليس عندي أسرار وحياتي وتفاصيلها يعرفها كل الناس، فلست من النوع الكتوم، وحدث مرة أن واحداً من أفراد أسرتي زعل مني فقال: سنفضحها! ماذا سيقولون: تزوجت.. أحبت؟ الكل يعرف قصصي.
 
• الزعل يحدث في كل الأسر؟
- نعم، ولكن في هذا العمر تعبت من العطاء، وأحياناً كثيرة أقول لله: خذني لعندك لأرتاح من الحياة.
 
• لا أعرفك تفكرين بهذا الأسلوب، فأنت دائمة التفاؤل والضحك؟
- صحيح، ولكن لا بد للإنسان أن تمرّ عليه أوقات معيّنة، ولكنني سرعان ما أستعيد طبيعتي المرحة، وكل ما كتبه الله سيحصل.
 
• حضورك لعرض أزياء أقامته إيللا زحلان في روما أثار الكثير من الضجة واستقطب فضول الإعلام، أخبرينا المزيد؟
-  إيللا كرّمتني عندما دعتني لحضور عرض أزيائها في روما، وفي حفل العشاء كان هناك العديد من الشخصيات، منها السفير اللبناني ملحم ميستو وزوجته اللذان نالني منهما كل التكريم، وكذلك العرب عندما عرفوا بوجودي جاؤوا بأعداد كبيرة وكذلك كان الوجود الأجنبي كبيراً، قالوا لزوجة السفير اللبناني كيف يكون عندكم مثل هذه السيدة وعندكم حروب؟؟ وأنا بدوري ألقيت كلمة باللغة الفرنسية في الحفل قلت فيها: «إني أفتخر بكوني لبنانية وكنت رمزاً للكثيرين من حيث الأناقة».. وتعمّدت أن أقول الكلمة بالفرنسية حتى يعرف العالم العربي أننا من بلد فيه ثقافة وعلم وفنون وأناقة، ولم يصدق الأجانب عمري، وعند دخولي الى الحفل غنيت موّالاً لبنانياً ثم أغنية «عالندّى الندّى» التي يحبها السفير اللبناني، وكذلك غنيت «ساعات» ثم ألقيت كلمتي، وكان هناك حضور كبير من السفراء العرب والأجانب ومن وزارة الخارجية ومن الجاليات العربية والأجنبية، وفي المطار استُقبلت في صالون الشرف الذي لا يُفتح إلا للشخصيات الكبيرة.
 
• هل نزلت الى الأسواق واشتريت ثياباً من روما؟
- ليس كثيراً، فالسوق في لبنان منوّع أكثر، ولكن خلال تجوالي كان الناس يستوقفونني ليسألوني إذا كنت نجمة سينمائية، حقيقي حب الناس شيء جميل ولا يُملّ منه، وأنا في الكلمة التي ألقيتها في الحفل قلت: في سنّي هذه ما زلت أحب الأناقة والحب.
 
• هل هذا بالفعل صحيح؟ يعني هل تخوضين تجربة حب وأنت في هذه السن؟
- بالطبع لا، ما عدت قادرة على العطاء إلا لنفسي والإهتمام بنفسي، فكل ما أريده هو الراحة والصحة.
 
• على ماذا ندمت في حياتك؟
- ندمت على حياتي الشخصية.
 
• هل ندمت على قصص الحب التي عشتها؟
- لا، ولكني دائماً محتاجة لإنسان الى جانبي، فحياتي ليست سهلة، عندما انفصلت عن فادي لبنان، تعرّضت لهجوم، ربما استغلّوا حالتي وقتها، فمنهم من نصب عليّ ومنهم من أخذ فلوسي.
 
• دائماً كنت تكتشفين مواهب جديدة في  عالم الأناقة، من هو اكتشافك الجديد الذي تتوقعين له مستقبلاً جميلاً؟
- غسان أنطونيوس نفّذ لي فساتين جميلة جداً، وكنت أتابع عروض أزياء فلفتتني تصميماته، فقلت لجوزيف غريب فتّش عن غسان أنطونيوس، أريد أن ألبس من تصميماته، وهذا ما حصل، فتصاميمه جميلة وأفكاره جديدة وتطريزه جميل، (تسكت ثم تقول ضاحكة): رأيت عنده فستاناً رائعاً أحببت أن أتزوج لأرتديه، فرغم عدد زيجاتي إلا أني ولا مرّة ارتديت فستان الزفاف التقليدي.
 
• الرئيس الفرنسي «نيكولا ساركوزي» تزوج من عارضة الأزياء والمغنية الإيطالية كارلا بروني، هل تعتقدين أن الزواج بين سياسي وفنانة يكون زواجاً ناجحاً، خصوصاً وأنك تزوجت من النائب الراحل جو حمود وكان في عز لمعانه السياسي؟
-  «جو» رحمه الله من أكثر الأزواج الذين أحببتهم في حياتي وهو كذلك أحبني كثيراً، وأولاده أعتبرهم مثل أولادي، وعندما أراهم أشعر بأني رأيت أولادي، كان رجلاً بمعنى الكلمة، صحيح كانت له أخطاء مثل أي رجل إلا أنه كان «حبّوباً» وخفيف الدم.
 
 • هل السياسة كانت تضايق الفن في حياتكما؟
- لا، ولكني عشت قصص حب مع سياسيين، منهم رئيس وزراء لبناني، ولكن علاقتنا كانت قصيرة لأن السياسي المشهور لا يحب أن يعلن حبه، والحب المغلق بين أربعة جدران يموت، وكذلك عشت قصة حب مع رئيس وزراء عربي، وحدث مرّة أن قالت لي زوجته: لا تغني له فهو لا يسمع جيداً.. فرد عليها: صباح أسمعها جيداً.
 
• ماذا أيضاً عن ذكرياتك مع السياسيين؟
- كنت مّمن يحبون رئيس الجمهورية السابق كميل شمعون، فهو من العمالقة ولن يأتي مثله، كان يحب الموّال اللبناني،  وكان كثيراً ما يدعوني الى شتورا، حيث نتناول العشاء مع بعض الأصدقاء، وعندما كانت تدعوه السيدة مي عريضة الى بيتها كان يقول لها: لا أحد يجلس بجانبي إلا صباح.. أما الرئيس بيار  الجميل رئيس حزب الكتائب الراحل فكنت أغني له وأنا في الرابعة عشرة من عمري في حفلات الحزب، وعندما ذهبت الى القاهرة أرسل معي رسائل الى معارفه هناك ومنهم إدغار جلاّد وغيره من الناس الذين اهتموا بي كثيراً، وكذلك رئيس وزراء لبنان الراحل رياض الصلح الذي عرّفني عليه الصحفي الراحل محمد بديع سربيه، وأحب بشدة كل بناته، الزعيم رياض الصلح كان رجلاً بكل معنى الكلمة، طيب القلب وذكياً يحب النكتة، ولن يأتي من يكون بمثل شخصيته، وكذلك رئيس وزراء لبنان صائب سلام الذي كان يحضر مسرحياتي رغم مشاغله السياسية، السياسيون في زمننا حقيقة كانوا رواداً وعمالقة في العمل السياسي وبشخصياتهم المميزة.
 
• كان لك موقف مع رئيس الجمهورية الراحل شارل الحلو؟
- مع أنه قلّدني وساماً، إلا  أنه عندما ذهب ليحضرني في مهرجانات بعلبك ودخل الى الكواليس رفضت أن أقابله، لأني كنت قد طلبت منه موعداً فلم يعطني، ومع أنه قيل لي بعدها أن أحداً لم يبلغه بطلبي، ولكني شعرت وقتها أنه عرف ورفض استقبالي فرفضت استقباله، فهذا طبعي، فلو أخطأ معي أحد لا أنسى له الإساءة، مرّة حصل أن أخطأ صحافي كبير معي فدخلت الى حفل عشاء في بيت وسلمت على كل الموجودين إلا هو.
 
• وماذا أيضاً عن ذكرياتك مع القادة والسياسيين؟
- لا بد أن أذكر بالخير الملك حسين رحمه الله، فهو كرّمني كثيراً في الأردن وأمّن لي ولأهلي بيتاً، وكثيراً ما كنا نصعد في طائرة «هليكوبتر» ونذهب الى العقبة، وابنه الملك عبد الله طيّب جداً مثل والده المرحوم.
 
• الرئيس الراحل أنور السادات منحك الجنسية المصرية على ما أذكر؟
- يا حياتي على الرئيس السادات وزوجته السيدة جيهان، فهو من منحني الجنسية المصرية وكنت أشعر أنهما أهلي.
 
• وماذا عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟
- كان زعيماً كبيراً وكنت أحبه جداً في أول عهده، ولكن عندما تمّ تأميم السينما شعرت أننا ظُلمنا كفنانين.
 
• وماذا عن بقية الدول العربية؟
- في الجزائر حملوني من الفندق حتى المسرح، وهذا مشهد لا أنساه في حياتي، وفي سوريا منذ بدايتي كنت أقيم حفلات هناك ولي جمهور كبير، وعندما وُضعت على اللائحة السوداء لأني غنيت مع «انريكو ماسياس» في باريس لم يخلّصني سوى الرئيس الراحل حافظ الأسد، وحتى اليوم عندما مرضت ابنتي هويدا وقف الرئيس بشار الأسد الى جانبي فأنا لن أنساه.
 
• السيدة فيروز عندما غنت مؤخراً في سوريا تعرضت للهجوم وارتفعت أصوات تطالبها بعدم الغناء، ما موقفك أنت من هذا الموضوع؟
- الفنان لكل الناس، وفيروز بالذات محبوبة جداً في سوريا ولها جمهور كبير، فلماذا عليها ألاّ تغني هناك، لا دخل للفنان بالسياسة فأنا أحب السياسيين ولا أحب السياسة.
 
• هل هذا يعني أنك مع أي الفريقين في لبنان؟
- أنا قلتها مرة مع طوني خليفة: قد لا يرتاح لبنان إلا إذا أصبح رئيسه مسلماً.
وأنتقل مع الصبوحة الى سؤال آخر فأسألها:
 
• ما هي أهم مسارح العالم التي غنيت عليها؟
-  غنيت على أهم مسارح أوروبا وأميركا، وحصل مرة أن ذهبت مع روميو لحود الى بروكسل، هناك جزء من الشعب «فلا مان» وكانت الصالة مليئة بهم وخفت أن أغني، إلا أن روميو أصرّ فطلبت من «كيغام» أن يجلس في الصف الأمامي و«يعمل جو» حتى أتشجّع على الغناء، وعندما غنيت بدأت بالـ«أوف»، فذهل الحاضرون وصفقوا بحرارة، وعندما خرجت من المسرح وجدت حشداً كبيراً من الناس يريد أن يأخذ جزءاً من فستاني وكان عبارة عن ثياب تراثية لبنانية.

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)