مسلسل / ذكريات ونجوم/ أطول حديث مع نور الشريف (الحلقة الأولى)
فنانون: نور الشريف
ذكريات ونجوم/ أطول حديث مع نور الشريف (الحلقة الأولى)

ذكريات ونجوم/ أطول حديث مع نور الشريف (الحلقة الأولى)

في عام 1980 أجرى النجم الراحل نور الشريف حديثاً مع «الموعد» تحدّث فيه عن الكثير من جوانب حياته الشخصية والفنية، وستعيد «الموعد» نشر الحديث بالكامل ليتعرّف الجمهور عن العديد من أهم المحطات في حياة النجم الراحل نور الشريف.
 
قلت.. لنور الشريف:
• هل باستطاعتك أن تحدّد لي السن التي بدأت فيها هوايتك للتمثيل؟
وأجاب:
- يمكن أن أقول إنني كنت في السابعة من عمري، عندما بدأت تتملكني هواية «التقليد».. لأنني يومها لم أكن أفرّق بين التقليد والتمثيل.
ولكن..
• لا بد أن هناك سبباً ما جعلك تهوى التقليد؟
قال:
- أيوه.. عندما كنت في هذه السن، كنت أسكن مع العائلة طبعاً في حي السيدة زينب، وبجوار  البيت مباشرة كانت هناك سينما إسمها: «إيزيس» وكانت تعرض أفلاماً أجنبية، وعلى بعد أمتار منها، كان هناك سينما ثانية إسمها «الهلال» تعرض أفلاماً عربية، وكان يتاح لي - بحكم الجوار - أن أشاهد مجاناً جميع الأفلام التي تعرض في الصالتين.. وتأثرت في الأفلام الأجنبية بشخصية شارلي شابلن، ومن الأفلام العربية تأثرت بشخصية عبد المنعم ابراهيم، وكان همّي دائماً عندما أعود الى البيت أن أقلّد الشخصيتين..
قلت:
• ألا ترى أن وجود صالتين لعرض الأفلام على مقربة منك وأنت في سن الطفولة، كان بمثابة فرصة نادرة لك..
وردّ نور الشريف:
- بل كان مدرسة فنية مبكرة لي.. إنني وأنا طفل شاهدت أعظم الأفلام السينمائية العالمية مثل: «كوفاديس» و«الرداء» فضلاً عن أفلام الحركة والتشويق والرعب، وربما كان لهذه الأفلام فضلٌ في اتجاهي نحو التقليد أولاً.. ثم التمثيل!.
• ومتى... خرجت من مرحلة التقليد الى مرحلة التمثيل؟
ويتذكر.. ويقول:
- عندما كنت في السابعة من عمري، كنت طالباً في «مدرسة محمد علي الابتدائية» ثم في فريق التمثيل في مدرسة «محمد علي الإعدادية»، وفور أن انتقلت من الابتدائية الى الإعدادية ضمّوني الى فريق التمثيل الذي كان يشرف عليه أستاذ تربية رياضية إسمه حمدي فريد!.
قلت.. باستغراب:
• كيف؟؟ أستاذ تربية رياضية يشرف على فريق التمثيل؟!.
ضحك نور الشريف وقال:
- الحقيقة.. إنه كان في ذلك الوقت طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان يتولى الإشراف على المسرحيات التي يقدّمها فريق التمثيل في المدرسة!.
وأقول.. له:
• وهل ظهرت أنت على المسرح.. يعني، هل مثّلت دوراً أمام جمهور من المتفرجين وأنت في هذه السن؟
أجاب:
- أيوه.. وأذكر أن أول مسرحية شاركت بتمثيلها كانت عن مصرع القائد الثاني للحملة الصليبية على مصر بعد نابليون، وقد مثّلت في هذه المسرحية دور مستشار القائد..
يا ترى..
• وهل نجحت كممثل؟
بثقة تامة يقول:
- أعتقد أنني كنت مجيداً في ذلك، بدليل أنني أخذت بعد ذلك أشارك مع رفاقي في تقديم مسرحيات في الشارع، وكان معظمها من الأفلام الأجنبية التي كنا نشاهدها في سينما «ايزيس» ورغبة في تقليدنا لمشاهد المبارزات ما كان يدفعنا الى صنع سيوف للمبارزة!.
• وهل إن البيئة العائلية التي نشأت فيها كانت مهيأة لقبولك كممثل؟
أجاب نور الشريف:
- أنا ولدت يتيماً.. فأنا لم أرَ والدي الذي توفي بعد ولادتي بعامٍ واحدٍ.
قلت:
• عدد أعمامك كان كبيراً؟!.
فأجاب:
- أبداً.. هما كانا اثنين فقط. واحدهما توفي، وكان يملك دكان بقالة في حي السيدة زينب، وعاش عمي الثاني الذي كان عنده ورشة نجارة!.
قلت:
• أي نوع من الحياة كنت تعيشه في هذه البيئة؟
أجاب:
- إن التعاون الأمثل بين أهل العائلة الواحدة أو أبناء الحي الواحد كان السمة البارزة في حياتي.
وقلت:
• ترى.. وأنت الآن في «حي المهندسين» وفي البيت الأنيق!! هل ما زلت تذكر البيت الذي عشت فيه في حي السيدة؟.
فهزّ برأسه.. وقال:
- فرق كبير بين حياتي هناك.. وحياتي هنا.. لقد مضى عليّ سبع سنوات في هذه الشقة.
وأعيده الى الماضي.. وأسأله:
• وهل كانت عائلتك قليلة العدد؟
قال:
- أبداً.. واحسبي عندك: في البيت ده كنت عايش أنا وأختي، وعمي الأول، وعمي الثاني اللي كان عنده خمسة أولاد، وعمتي وبنتها.. وكانت والدتي تعيش معناً أيضاً، ولكنها بعد أعوام تركتنا وتزوجت!.
• وهل.. تأثرت لابتعادها عنك؟
أجاب:
- في طفولتي حرمت من عطف الأب، وكنت شديد الحاجة الى حنان الأم، وقد تأثرت جداً لزواج والدتي وابتعادها عني، وكنت بدافع من أنانيتي الطفولية أوجّه اليها اللوم الشديد، ولكن.. بعد أن كبرت، وجدت لها العذر، وأدركت أنه ليس عدلاً أن تنتهي حياة أية شابة إذا ما خسرت زوجها بالموت أو الطلاق!.
اذن..
• حرمت في أول حياتك من الأب.. وبعد سنوات من الأم؟
وكانت علامات الحزن تمتزج بملامحه وهو يقول:
- هذا ما حدث فعلاً.. وكان له تأثير على نفسيتي وشخصيتي، ولعل حرماني من العطف الأبوي، ومن حنان الأمومة، هو الذي يجعلني أفضّل الوحدة، والانطواء على.. نفسي..
قلت:
• هل كانت تواجهك مشاكل مادية وأنت في سن الطفولة والدراسة؟
أبداً..
- إن البيت الذي كنا نقيم فيه كان ملكاً لنا، وما زال حتى الآن، وعمي كان يملك ورشة نجارة تدرّ عليه أرباحاً جيدة، فكان ينفق عليّ، ولا يدعني أحتاج الى شيء.. «ربنا يطوّل عمره..».
 

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)