مسلسل / ذكريات ونجوم / أطول حديث مع عمر خورشيد (الحلقة الثالثة)
فنانون: عمر خورشيد
ذكريات ونجوم / أطول حديث مع عمر خورشيد (الحلقة الثالثة)

ذكريات ونجوم / أطول حديث مع عمر خورشيد (الحلقة الثالثة)

الضياع سبب انهيار زواجي من ميرڤت أمين!
دينا، لم تكن تعرف أنني شاب اجتماعي ومثقف..
لست مادياً ولكنني أحب الفلوس لكي أصرفها..!
مرض البحر المتوسط يكلفني ثمانية آلاف دولار سنوياً!
 
في الحوار الذي أجرته «الموعد»  مع النجم الراحل عمر خورشيد عام 1977، تحدث في الجزء الأخير منه عن الحب والزواج والمرض والسعادة فماذا قال؟
 
■  ■  ■
 
• متى كان الحب الأول في حياتك؟
ويعترف:
- لا بد لمن عنده الميل الى الفن والموسيقى من أن يكون عاطفياً، وبحاجة دائماً الى قصص حب تغذي إحساسه وعواطفه، وأنا عشت في سن المراهقة العديد من قصص الحب. أما الحب الحقيقي فمن الطبيعي أن يكون هو آخر حب، لأنه لو لم يكن حقيقياً وقوياً لما أنساني كل حب سابق.
وأبقى في نفس الموضوع:
• ما الذي اجتذب اليك عروسك دينا، وهي البعيدة، قبلاً، عن تذوق الفن الشرقي. وإجمالاً أين وكيف بدأت حكايتك معها؟
ويومض بريق السعادة في عيني عازف الغيتار الوسيم وهو يروي الحكاية:
- حكايتي مع دينا هي أصلاً حكايتي مع مجتمع بيروت، فعندما جئت اليه وبدأت أعزف في «الايبي كلوب» كان أمامي مجتمع لم يسمع من قبل الموسيقى الشرقية، ولكنني استطعت أن أجتذب هذا المجتمع الى المقطوعات الشرقية التي كنت أعزفها على الغيتار، وتحوّل «الفن» الذي أقدّمه الى موضة انتشرت بسرعة في بيروت ومجتمعاتها الراقية، وكثر الحديث في الأجواء الأرستقراطية عن عمر خورشيد، وكانت الموائد تحجز في «الايبي كلوب» لوجوه لم أكن أراها في حفلات الغناء العربي. ومن هنا كان التعارف بيني وبين دينا التي جاءت يوماً لتسمعني، وصودف أن أصدقاءها الذين حضرت معهم كانوا أصدقاء لي أيضاً، وهكذا تمّ التعارف بيني وبينها بواسطة هؤلاء الأصدقاء، وبدأنا نخرج ونسهر معاً، وتطورت العلاقة بيننا الى حب مع الأيام ومع العشرة اليومية..
وأكرّر:
• ولكن، لم تقل لي، ما الذي اجتذبها اليك؟
ويشرح:
- لقد اعترفت لي بعد عدة لقاءات أنها كانت تتصوّر قبل أن تعرفني بأن الفنان لا يفهم إلا في الفن، ولا يمكن أن يكون رجلاً إجتماعياً، وقد تغيّر تصوّرها هذا عندما عرفتني، ورأت نفسها أمام فنان مثقف، ويحمل الليسانس في الفلسفة وعلم النفس، ويجيد التعامل مع الجميع، وكان هذا أول ما اجتذبها اليّ..
وأسأله:
• هل تأخذ رأيها الآن في أعمالك الفنية؟
ويجيب:
- أحياناً أستمع منها الى آراء جيدة في مؤلفاتي الموسيقية، ولكنني عموماً لا أحب أن آخذ رأي أحد في أعمالي الفنية، لأنني أعتبر هذه الأعمال شبه مغامرة أقوم بها على مسؤوليتي، فإما أن تنجح أو تفشل.
وأحب أن أعرف:
• فنان مثل عمر خورشيد، هل يشعر بالاستقرار أكثر مع زوجة فنانة.. أم مع زوجة من خارج الوسط الفني؟
وبصراحة يقول:
- الأهم من تحديد نوعية الزوجة هو أن يكون بيني وبينها تفاهم وانسجام، على أنني، وبعد التجربة، تأكدت أنه من الأفضل أن تكون غير فنانة.
وأعود وأسأله:
• وهل فضّلت غير الفنانة على الفنانة نتيجة للتجربة التي مررت بها عندما تزوجت ميرڤت أمين؟
يقول عمر  خورشيد:
- أيوه، فقد كنا في أحسن حالات الحب والانسجام أنا وميرڤت، ولكن كان في حياتنا مشكلة أساسية هي ضياع كل منا عن الآخر. حتى أننا لم نكن نتقابل إلا صدفة أو في المناسبات، فإن رحلاتي الى الخارج كانت كثيرة، وعندما أكون في مصر فإن أوقاتي تتوزع طوال النهار بين الأستديوهات، وعندما أعود الى البيت تكون هي قد خرجت منه أيضاً الى عملها في الأستديوهات، وذهبت كل جهودنا عبثاً لتنظيم مواعيد اللقاء بيننا في البيت، وهكذا انهارت حياتنا الزوجية، واقتنعت أنا بأن الأفضل لي أن تكون زوجتي غير فنانة فأجدها في البيت عندما أعود اليه..
وأواجه عمر خورشيد باتهام:
• سمعت أنك رجل مادي جداً مع الذين يتعاملون معك كفنان..
ويرد بسرعة:
- لست مادياً، ولكنني أصمّم على أن يكون التقدير المادي لأعمالي الفنية جيداً، لقد تعبت كثيراً حتى وصلت الى ما أنا عليه الآن من مكانة فنية، والذي يحزّ في نفسي كثيراً هو أن أجد أن الأجر الذي يُدفع لي مقابل أي عمل فني في حجم الأجر الذي يُدفع لفنان جديد لم يحمل الغيتار مثلاً إلا منذ أيام، أنا أطلب الأجر الجيد لكي أحسّ بمكانتي الفنية، وفضلاً عن ذلك فأنا أرى أن عليّ أن أدّخر مالاً يحميني من غدر الزمن، أو يكون لي سنداً عندما أتقدم في السن ولا أكون قادراً على العطاء الفني. وما زالت أمامي صورة المرحوم اسماعيل ياسين عندما رأيته مرة في الإذاعة وهو يشكو من العوز والفاقة. وهي صورة تُفزعني وأحاول ألا تتكرّر معي. ولكن، ورغم كل هذا فإنني لست مادياً الى أبعد حد، فهناك حفلات أعزف فيها مجاناً، وأحياناً أدفع من جيبي أجور أفراد الفرقة الموسيقية التي تعزف معي..
وأسأله:
• تريد أن تقول لي إنك لا تحب.. الفلوس؟
ويرد ضاحكاً:
- بالعكس، أنا أحب الفلوس، مثلما يحبها جميع الناس، ولكنني لست «بخيلاً» أو عبداً لها. أنا أستمتع بصرف الفلوس، وخصوصاً عندما أسافر الى الخارج، وأصرف كل ما في جيوبي، فأشتري أحلى وأغلى الملابس، وأحدث الآلات الموسيقية، وفي رحلتي الأخيرة الى أوروبا اشتريت ستة غيتارات بثمن غالٍ جداً، ثم إنني أحتاج الى الفلوس لأداوي نفسي، أنا مصاب بمرض إسمه مرض البحر المتوسط، وهو مرض مرهق جداً وآلامه لا تحتمل، لأن كل النوبات التي يصاب  بها الجسد تأتي الي مجتمعة. وعلاج هذا المرض يكلفني أكثر من ثمانية آلاف دولار كل عام. وهكذا ترين أنني أحب الفلوس لأنها ضرورية لي، ولكي لا أحتاج لأحد..
وأعود بعازف الغيتار  الوسيم الى الفن، فأقول له:
• هناك بعض العازفين على الآلات الإلكترونية، كالأورغ والغيتار، يبالغون في رفع أصوات هذه الآلات عندما يعزفون عليها، فهل يساعدهم هذا على شدّ اهتمام الجمهور اليهم؟
ويقول:
- مرة سمعت نصيحة من الموسيقار محمد عبد الوهاب. لقد قال لي: عندما تعزف على الغيتار، فاجعل صوت آلتك منخفضاً، وإذا كان الجمهور الذي يسمعك يثير الضجيج، فإنه حتماً سوف يهدأ ويصغي اليك إذا عزفت جيداً، كما نصحني بألّا أدع الجمهور «يشبع» من عزفي، بل لا بد أن أنزل عن المسرح والجمهور ما زال يتوق الى سماع المزيد مني. والواقع أن أغلبية الفرق الموسيقية ترفع أصوات الآلات الموسيقية الى الحد الذي يطغى معه على صوت المطرب أو المطربة ومن هنا كانت حملة النقاد والناس على الآلات الموسيقية الإلكترونية، وأنا لم أشأ أن أناقش هذه الحملة، ولكن لا بد أن أنصح كل زميل يعزف على أية آلة موسيقية الكترونية، كالأورغ والغيتار، بأن يسمع مني النصيحة التي سمعتها من الأستاذ محمد عبد الوهاب، ويعمل بها.. 
وأقول للعازف الوسيم:
• لماذا اختفى العود من الفرق الموسيقية، وهو أحلى وأبرز الآلات الموسيقية الشرقية؟
ويردّ:
- اختفاء العود أعتبره غلطة كبيرة من الفرق الموسيقية، والغلطة الأكبر هي ألا يُستغل العود في الموسيقى الشرقية، مع العلم بأن وجوده في أية فرقة لا يتعارض مع وجود الغيتار والأورغ، بل من الممكن جداً أن ينسجم معهما. على أنني أحب أن أقول بأن غياب العود لم يُفقد الموسيقى الشرقية طابعها، لأن الآلات الجديدة التي أدخلت عليها تؤدي الأنغام الشرقية بدقة، وعلى أية حال فهناك فرق شرقية ما زال العود فيها هو الآلة البارزة، وهذا في رأيي لا يتعارض مع التطور، لأن اللون الكلاسيكي، حتى في الغرب، يظل له وجوده وجمهوره بالرغم من ظهور موجات موسيقية متعددة بين الحين والآخر..
وأسأل عمر خورشيد:
• هل إن آلة مثل «الأورغ» يمكن استعمالها في الموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات التلفزيونية، أم أن هذا خطأ سببه أن الذين يؤلفون هذه الموسيقى يكونون أحياناً من العازفين على الأورغ.
ويتحدث كأستاذ:

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)