مسلسل / أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الثالث)
فنانون: عمر الشريف
عمر الشريف وفاتن حمامة مع ابنهما طارق

أطول حديث مع عمر الشريف (الجزء الثالث)

لو أنجبت بنتاً لكانت فاتن اسمتها: دينا..
لم أر ابني «طارق» إلا بعد مائة يوم من ولادته..
أحببت فاتن حمامة أولاً كامرأة.. وليس كنجمة!
الظروف هي التي فرضت الانفصال عليّ وعلى فاتن حمامة...
لم أتزوج بعد فاتن.. لأني لم أحب امرأة كما أحببتها!
ابني «طارق» صارحني بإعجابه بزوج فاتن الجديد..
 
إن قصة عمر الشريف مع فاتن حمامة هي قصة عمره كله..
إنها قصة حبه. ومجده. وولي عهده «طارق»..
فماذا قال عنها في حواره مع الموعد عام 1978.
  
ويقول عمر الشريف:
- عندما عدنا من شهر العسل الذي أمضيناه معاً، أنا وفاتن، في باريس، وكان ذلك في ربيع 1956، شعرت هي بأعراض الحمل، وعلى الفور اتخذت قراراً بأن تبقى في البيت ولا تغادره أبداً، واعتذرت عن عدم استطاعتها تمثيل أي فيلم، إلى أن تضع مولودها ويبلغ من العمر ستة أشهر على الأقل.. والحقيقة أنني في مرحلة الحمل هذه شعرت بدفء الحياة العائلية.. كنت أقضي أوقاتي وفاتن وابنتها التي كانت قد انتقلت للإقامة معنا، وكانت التسلية الوحيدة لنا هي أن نسجل أسماء عديدة لصبيان وبنات لنختار من بينها اسم مولودنا الجديد..
• هل كنت، كأكثر الرجال الشرقيين، تتمنى أن يكون المولود صبياً؟؟
يجيب:
- لم أفكر يومها بهذا الموضوع، وكل ما كنت أفكر به هو أنني سوف أكون أباً بعد عدة شهور، أما فاتن فقد كانت تصارحني بأنها تتمنى أن يكون المولود ذكراً، والشيء الطبيعي عند المرأة الشرقية هو شوقها إلى أن تنجب ولداً من الرجل الذي تحبه، لأنها ترى في المولود صورة والده..
• وهل اتفقتما على اسم مولودكما مسبقاً؟!.
فابتسم وقال:
- أبداً.. والحقيقة أن ما اختلفنا عليه هو الاسم الذي سنختاره للمولود إذا كان بنتاً.. أنا اخترت اسم «نايلة» لأنني وجدته اسماً موسيقاً ويلفظ بسهولة بالعربية وبالفرنسية، ولكن فاتن كانت مصرة على اسم «دينا» تيمنا باسم الأميرة دينا عبد الحميد، ملكة الأردن يومئذ، وكانت صديقة لها.. وبسبب هذا الخلاف بيننا على اسم البنت لم يعد لدينا الفرصة لنختار اسم الصبي، خصوصاً وأنني كنت قد سافرت إلى تونس!.
• سافرت؟؟.. ولماذا؟؟.
ابتسم وقال:
- دي حكاية لذيذة قوي، فالذي حصل أنني كنت في بيروت أصور المناظر الخارجية لأحد أفلامي المصرية، عندما تعرفت بالمخرج الفرنسي جاك باراتي، الذي أخبرني بأنه في طريقه إلى إنتاج فيلم اسمه «جحا وحماره» وقصته مأخوذة من الأساطير الساخرة القديمة، وقال لي إن كاتب سيناريو الفيلم هو الأديب اللبناني المشهور والذي كان في فرنسا، جورج شحادة.. وسألني المخرج إذا كنت مستعداً لأن أمثّل دور البطولة في هذا الفيلم، ونبهني إلى أن تصوير الفيلم سوف يتم في تونس، وإن ذلك سيجعل غيابي عن مصر محتماً لبضعة أشهر.
• وطبعاً.. وافقت على العرض؟ 
أجاب:
- أبداً.. كانت فاتن ما زالت في الشهر الثاني من حملها، وأخذت إليها عندما عدت إلى القاهرة ملخصاً لسيناريو الفيلم وسألتها رأيها فيه، وقد رأيتها تشجعني على تمثيل الفيلم لأنها رأت أن هذه فرصة لي لكي أدخل إلى نطاق السينما العالمية.. ولكني بعد أن قرأت السيناريو رأيت أن الدور المطلوب مني تمثيله يخلو من أي عمق. وكنت أحس بأن مثل هذا الفيلم هو محلي الطابع وقد لا ينجح إلا في تونس.. وبقي السيناريو عندي ولم أعط أي رد للمخرج الذي كان قد أبلغني أنه سينتظر مني رداً على عنوانه في باريس.. وحدث بعد ذلك أن أختير فيلم «صراع في الوادي» ليكون الفيلم المصري الذي يعرض في مهرجان «كان» السينمائي، وذهبت أنا والمخرج يوسف شاهين لحضوره، وبعد المهرجان ذهبت إلى باريس التي أحبها، لتمضية عدة أيام، وهناك أجبرتني الظروف على أن أعدل عن رأيي في فيلم «جحا» وأوافق على تمثيله.
ولكن:
• أية ظروف هذه؟؟
وبصراحة يعترف:
-  في الليلة الأولى من لياليّ الباريسية، ذهبت إلى الكازينو وقامرت وخسرت كل ما كان معي من فلوس، وعندما كنت أغادر الكازينو وأنا مفلس، قابلني على الباب شخص لبناني أعرفه، وعرض علي أن يسلّفني أي مبلغ أريده، على شرط أن أعيده إليه في اليوم التالي، وكأي شخص يقامر، وجدت أمامي فرصة لأعوّض خسارتي، فأخذت المبلغ من الرجل وعدت أدراجي إلى الكازينو ولكن حظي كان سيئاً أكثر، فخسرت المبلغ الذي استلفته كله، وعلى الفور عدت إلى الفندق، واتصلت تليفونياً بالمخرج جاك باراتي، وقلت له أنني على استعداد لأن أمثل دور البطولة في فيلم «جحا» فيما لو أحضر لي في الصباح مبلغ ثلاثمائة وخمسين ألف فرنك فرنسي.. ووافق المخرج وجاء إلى بما طلبته في صباح اليوم التالي، ولم يعد أمامي مفر من السفر إلى تونس والبدء بتمثيل الفيلم وكانت هي المرة الأولى التي أقضي فيها فترة طويلة بعيداً عن مصر..
• وكنت على اتصال بفاتن حمامة طبعاً؟!.
قال:
- فعلاً.. كلما سنحت فرصة كنت أحدثها بالتليفون، وفي يوم 21 مارس «آذار» 1957، تلقيت من فاتن برقية تقول لي فيها بالفرنسية «مبروك.. ولد طارق». وعرفت أنني رزقت بولد، وأن أمه قد اختارت له اسم «طارق» فأبرقت بالرد إلى المستشفى الذي كانت فيه، وقلت: مبروك!.
• ولكن.. ماذا كان شعورك في هذه اللحظة؟؟
فيجيب:
- صرت بشوق للعودة إلى مصر لرؤية ابني.. وأخذت أستعجل العمل في فيلم «جحا» ولكن، ومع كل هذا الاستعجال، فلم أستطع العودة إلى مصر إلا بعد ثلاثة أشهر ونيف، ورأيت ابني لأول مرة وكان قد مر على ولادته مائة يوم.
• هل من تغيير طرأ على حياتك بعدما أصبحت أباً..
وبصراحة يقول:
- لا تغيير بمعنى الكلمة قد حدث بالنسبة لي.. و»طارق» عندما كان صغيراً وفي «اللفة» لم يشغلني كثيراً وأنا أعتقد بأن كل رجل لا يبدأ بالتعلق بأولاده إلا عندما يكبرون قليلاً، ويقدر على مداعبتهم.. والتغيير الذي طرأ فقط على حياتي الزوجية هو أن فاتن قد أصبحت غيورة علي بعض الشيء، وربما كان سبب ذلك غيابي عنها بضعة أشهر، وتصورها بأنني لا يمكن أن أكون ملاكاً خلال هذه الفترة.. وفعلاً، أنها أخرجت من حقيبتي صوراً لي وأخذت تسألني عن كل النساء اللواتي يظهرن معي في هذه الصور.
• لماذا لم تذهب معك فاتن إلى مهرجان «كان»؟؟ ولماذا فضلت الذهاب وحدك.. ومع المخرج فقط؟؟
ويبرئ نفسه فيقول:
- أولاً أنا ذهبت إلى المهرجان من تلقاء نفسي وبدون دعوة خاصة من إدارة المهرجان.. يومها كنت ما زلت ممثلاً جديداً يهمني أن أرى العالم السينمائي ولا أتقيد بالبروتوكول الذي يتقيد به عادة النجوم المشاهير، أما فاتن فهي نجمة كبيرة، ولها ملايين المعجبين، فلم يكن ممكناً أن تذهب بدون دعوة كما ذهبت أنا.. ثم أنها كانت في شهر الحمل الأول، ومصممة على أن لا تغادر البيت طوال شهور الحمل.. ولكن، بعدما وضعت «طارق» سافرنا ـ أنا وهي ـ إلى «موسكو» بدعوة رسمية، حيث حضرنا عرض فيلمنا «صراع في الوادي» ثم تابعنا  السفر إلى «بكين» عاصمة الصين الشعبية، حيث كان يقام أسبوع للفيلم المصري..
قلت:
• وصلتما معاً إلى الصين؟؟
فضحك عمر الشريف وقال:
- كانت رحلة ممتعة فعلاً، لقد ضحكنا أنا وفاتن طويلاً وكثيراً عندما حضرنا عرض فيلم «أيامنا الحلوة».. فإن حوار الفيلم كان «مترجماً» إلى الصينية بأصوات ممثلين صينيين وهكذا جلسنا، أنا وفاتن، نستمع إلى صورنا على الشاشة وهي تتكلم باللغة الصينية.. ولقد استقبلنا بعد ذلك رئيس وزراء الصين السابق الراحل «شو ان لاي» ونبه علينا بأن نأخذ حذرنا من تقلبات الطقس، ثم تفرجنا على سور الصين الشهير، وقضينا يوماً كاملاً في الحديقة الصينية، كانت زيارة لذيذة فعلاً لولا أننا اضطررنا طوال الزيارة لأن نكتفي بشرب السوائل فقط، لأننا لم نتحمل المأكولات التي تخلط كلها بالسكر، ومنها السمك والفراخ..
• هل تعتبر أنك في هذه الفترة كنت تحب فان حمامة حباً صادقاً أم أنك كنت مبهوراً بها كنجمة كبيرة قادرة على أن تمدك برصيد من النجاح لتحقيق أحلامك في السينما؟؟.
يرد:
- أعترف هنا بأنني أحببت فاتن كامرأة أولاً، وليس كنجمة، إنني كنت أحبها بعاطفة وصدق وإخلاص، والدليل على ذلك أنني عشت معها عشر سنوات كاملة دون أن أخونها أبداً، لأنني سعدت بالحياة العائلية معها، على أنني أعترف بأن زواجي من نجمة كبيرة مثلها، كان أمراً يتفق وميولي وطموحي، وأعتقد أن فاتن قد بذلت كل جهد من أجل أن تجعلني نجماً سينمائياً لامعاً، وقطعاً لم يكن سهلاً عليها، وهي الشهيرة جداً، والتي لابد من أن يتنوع الشبان الذين يمثلون أمامها في الأفلام.. أقول لم يكن سهلاً أن تقاسمني بطولة خمسة أفلام متوالية، أحدها من إخراج زوجها المرحوم عز الدين ذو الفقار، وإذا كانت هذه الأفلام قد نجحت، وأصبحت أنا وهي «كوبل» سينمائي مطلوب دائماً من شركات إنتاج الأفلام، فإن الفضل الأول يعود إليها..

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)