مسلسل / أطول حديث لـ: نادية لطفي (الحلقة الأولى)
فنانون: نادية لطفي
محمد بديع سربيه مع نادية لطفي عندما كانت تردّ أسبوعياً بخط يدها على مشاكل قرّاء «الموعد» واستمرّت هذه الزاوية الأسبوعية لعدة أشهر.

أطول حديث لـ: نادية لطفي (الحلقة الأولى)

كما كانت النجمة نادية لطفي وهي على الشاشة تبهر بصدق تعبيرها، وروعة تمثيلها. كذلك كانت وهي تتحدث، وتضحك، وتحلل، وتناقش في الحديث الذي أدلت به لـ «الموعد» عام 1978  
 
• أنا مصرية مائة بالمائة و لو كان شكلي أوروبياً!
• في طفولتي كنت معجبة بكمال الشناوي.. وشكوكو..
• أصبحت ممثلة بالصدفة ولم أحسّ قبلاً بموهبتي!
• عندما ر أيت صورتي على الشاشة لم أتوقع لنفسي النجاح

• احتج احسان عبد القدوس لأنني سُمَّيت بـ« نادية لطفي»!

السؤال الحائر في ذهني لا بد وأن أوجهه اليها أولاً؟
 
• أعترف بأن جاذبيتك مصرية، ولكن ما يحيّرني هو أن مظهرك أوروبي الى حد ما.. فهل أن عائلتك في الاصل تنحدر من سلالة غير مصرية..
- فعلا ، لست أفهم لماذا يظن الكثيرون أنني من اصل غير مصري، ولكن ما اعرفه تماما هو أنني مصرية مائة بالمائة، لان ما أعتقد هو أن الاهم من الشكل والمظهر هو أن أكون مصرية بأحاسيسي.. أما بالنسبة للأصل والنسب، فإن معظم العائلات المصرية تداخلت فيها جنسيات مختلفة، وعائلتي أنا فيها الكثير من الذين هم من أصل تركي، أما انا بالذات فأنني مصرية بالاصل والنسب والاحساس..
وقبل أن:
 
• تأخذك السينما ويتغيّر أسمك من «بولا محمد شفيق» الى «نادية لطفي» .. هل كان «الفن» موجوداً في حياتك؟..
- لم يكن في البيئة التي عشت فيها شيء أسمه الفن، أو حتى ظل له، كنت سيدة عادية، أعيش حياتي الاجتماعية والعائلية بكل بساطة، ودون أن يخطر لي أبداً ان اكون ممثلة، أو أعرف أن عندي موهبة فنية، ولكن، وبالتاكيد فأن البيئة ليست هي التي تخلق أي فنان، وهكذا فلا بد أن كان في تكويني الفني والفكري ملامح فنية برزت عندما وجدت فرصتها ومجالها .. وهذا حال المواهب والاحاسيس الفنية التي من الممكن أن توجد في جميع القطاعات، وليس في البيئة الفنية بالضرورة.. 
ولا بد :
 
• أنك كنت تشاهدين الأفلام السينمائية العربية قبل دخولك عالم السينما، ولا بد أنه كان لك نجوم مفضلون.. فمن كانوا؟..
أجابت نادية لطفي:
- كنت فعلا أشاهد الافلام السينمائية العربية كسواي من البنات والسيدات، وأنا أذكر الان أنه من النساء كنت شديدة الاعجاب بالسيدتين فاتن حمامة وتحية كاريوكا، أما النجوم الرجال فكان يعجبني منهم كمال الشناوي .. ومحمود شكوكو!
وأبتسمت ، وسألتها :
 
• شكوكو؟؟ وكيف ؟؟
- منذ صغري وأنا أحب لونه الفني، ربما كان ذلك لانه يعبر عن الملامح المصرية الاصلية بالاحساس، والكلمة، وحتى بالابتسامة الطيبة ..
 
• فيما بعد عرفت كمال الشناوي، بل ومثّلت معه فيلما، فكيف كان أحساسك نحوه؟؟
 وبشئ من الجدية تقول:
- طبعاً، عندما وقفت أمامه كممثلة، لم تكن عندي مشاعري التي كنت أحسّ بها، كنت أمامه كـ «نادية لطفي» ولست البنت «بولا» التي تكتب له الرسائل، ولكن مع الوقت، ومع زوال الحواجز بيني وبينه أعترفت له أنني كنت اقطع صوره من الصحف وأضعها تحت الزجاج في مكتبتي في غرفة نومي ..
 
• ولكن .. هل بقيت معجبة به عندما كبرت كما كنت معجبة به وأنت صغيرة؟..
- أعجابي به في الكبر يختلف عن أعجابي به في فترة المراهقة حيث كأنت أحساسيس القلب تتأثر بالسن والظروف والنظرة الخاصة الى الدنيا والناس..
 
• الم يكن لك وأنت سيدة مجتمع أية صداقات مع اهل الفن؟؟
- أبداً .. وكلهم كنت أعرفهم فقط من خلال أعمالهم الفنية..
أذن:
 
• اليس غريباً أنك اصبحت واحدة من المتألقات على الشاشة السينمائية. ولم يكن لك قبلاً أية هواية للتمثيل .. ولا تعرفين أحداً من أهل الفن..
واكملت هي :
- فعلا، حكاية غريبة، فأنا أبداً لم أشعر مرة بأنني أهوى التمثيل، أو أنني اختزن في صدري وشخصي الموهبة التمثيلية. وما أذكره أنني في طفولتي كنت أحب الرسم جداً، وأهتم بالتطريز، ولكن هوايتي الكبرى كانت الرياضة التي أخذت، وأنا في المدرسة أزاولها بمزاج، وكنت المتفوقة دائماً فيها على زميلاتي في المدرسة ...
واحب ان أعرف اكثر عن طفولة ذهبية الشعر فأسألها :
 
• حتى الموسيقى لم تكن تستهويك..
وأعترفت :
- كنت أحب سماعها، ولكن لم أكن أبداً أشعر بأنني مؤهلة للغناء والعزف، والذي أذكره هو انني ثرت يوما على مدّرسة الموسيقى في المدرسة، التي كانت تتعمد أن تناديني لأقف في الصف الاول عندما يكون علينا أنا وزميلاتي في الفصل أن نؤدي نشيدا جماعياً، وكنت أردّ على ما تصورته أضطهادا من مدّرسة الموسيقى لي بأن اكتفي أحياناً بفتح فمي وأغلاقه أثناء الدرس دون أن أغني.. وعندما كبرت فهمت أن المدّرسة لم تكن تضطهدني، بل على العكس، كانت هي التي تتضرر عندما توقفني على مقربة منها لازعجها بصوتي النشاز..
واصل مع نادية لطفي الى البداية واسالها  :
 
• هل من باب الصدفة دخلت عالم السينما؟..
قالت :
- بالتأكيد.. فـأن علاقتي بالسينما لم تكن تزيد عن إعجابي ببعض الممثلات وكان في مقدمتهن فاتن حمامة التي كان الالبوم الذي احتفظ فيه بصور النجوم الذين احبهم يضم أكبر عدد من صورها..
 
• كيف كانت صدفة دخولك الى عالم السينما الذي لا تعرفين عنه شيئاً؟..
وتروي :
- في تلك الأيام، أي في أواخر الخمسينات، كانت أكبر شركتين في مصر للأنتاج السينمائي هما شركتا «دولار فيلم» و «الشرق» وكان احد أصحاب الشركة الثانية، وهو السيد جان خوري، من الذين جمعت بيننا وبينه صداقة عائلية، وفي أحيان كثيرة كان يدعوني أنا والعائلة لمشاهدة أحد الافلام التي تنتجها شركته ثم بعد أنتهاء العرض يقول لي على سبيل المزاح أنني أجمل وأحسن من بطلة الفيلم..
واسألها:
 
وهل كان مثل ذلك الكلام يسعدك؟
وتجيب نادية لطفي:
- لم أكن آخذه على محمل الجد، ولكن، بيني وبين نفسي، لم أكن أنفر من فكرة التحوّل إلى نجمة سينمائية..
وهي فكرة كانت اقرب إلى الحلم بالنسبة لكثير من الفتيات..
واتابع الحكاية:
 
ومتى بدأت عملية تحولك من سيدة مجتمع إلى نجمة سينمائية تأخذ الشكل الجدي؟..
وتروي من جديد:
- كان ذلك بالصدفة ايضا، عندما التقيت في بيت جان خوري بالمنتج المرحوم رمسيس نجيب، فاذا به ينتقل بي إلى المرحلة الواقعية، ويقدّم لي عرضاً جدياً بأن أكون ممثلة سينمائية في افلامه، ويومها لم استطع إلا أن أقول بيني وبين نفسي: ولِمَ لا.. واتخيّل نفسي نجمة محاطة بالبريق..
قلت لها:
 
في ذلك الحين.. هل كنت متزوجة؟..
أجابت باختصار:
- ايوه.. وكانت قد مضت شهور قليلة على انجابي لابني الوحيد «أحمد»..
 
ولا أتوقف عند هذا السؤال، وأتابع:
رمسيس نجيب.. اكتفى فقط بابداء الفكرة؟..
قالت:
- لا، انه بدأ يهيء لي الظروف الملائمة، ويمهّد لتقديمي إلى السينما باقامة نوع من الصداقة مع عائلتي، واشاعة الثقة عندها بأن تحولي إلى ممثلة سينمائية ليس بالأمر الخطير، والمخيف..
واسألها:
 
والخطوة الفعلية الأولى.. متى كانت؟..
وايضاً تروي الحكاية:
- كان رمسيس نجيب قد أعدّ العدة لانتاج فيلم «سلطان» بطولة الاستاذ فريد شوقي، وكان الدور الذي تؤديه البطلة في هذا الفيلم هو دور صحفية، وقد رشّح المخرج له أكثر من ممثلة من المشهورات في ذلك الحين، ولكن رمسيس كان مقتنعاً بأنه من الأفضل أن تلعب هذا الدور ممثلة جديدة حتى يكون الدور أكثر صدقاً، وهكذا، وبعدما كان تعرف عليّ، وازال من دربي كل العوائق العائلية، اسند إليّ دور البطولة في هذا الفيلم على مسؤوليته..
وباستغراب اسألها:
 
وكيف امكن لك الوقوف امام الكاميرا كبطلة.. ولم يسبق لك ان مثّلت من قبل؟..
أجابت نادية لطفي:
- لم أذهب من البيت على طول إلى الاستديو.. أن رمسيس نجيب كلّف الفنان الكبير الاستاذ عبد الوارث عسر باعطائي دروساً في الالقاء والتعبير، وقد كان لهذه الدروس الفضل الاكبر في اكتسابي الخبرة الفنية، لانها لم تكن مجرد مادة علمية، بل كانت تغذي في نفسي الرؤيا الانسانية، وصدق التعبير، وتفهم الشخصيات..
واقول لها..
 
عندما وقفت امام الكاميرا السينمائية.. هل وجدت ترحيبا من الممثلين والممثلات المحترفين الذين كانوا يشتركون في التمثيل؟؟
واجابت بسعادة:
- كان من ابرز ممثلي الفيلم: فريد شوقي، رشدي اباظة، وأحمد رمزي.. وكلهم بالفعل كانوا ظرفاء جداً معي، واحسست بطيبة قلوبهم وسخاء عطائهم لي..
وابقى معها في هذه المرحلة، وأقول لها:
 
ودارت الكاميرا.. ووقفت تمثلين.. فهل احسست بالرهبة؟
قالت نادية لطفي:
- اندمجت بسرعة في الجو الذي احببته، ولكن، كان امامي مرحلة لأتعوّد على التمثيل.. لقد كان دوري في الفيلم هو دور صحفية تظل تلاحق بطل الفيلم الذي هو فريد شوقي إلى أن توقعه وتبلغ عنه البوليس، وما زلت أذكر المشهد الطريف الذي عشته وأنا أجري بروفة على هذا المشهد مع فريد شوقي..
 
اسألها:
أي مشهد؟!

... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية)