شارع النجوم / بأمر المخرج.. لم يكتمل الحديث مع فاتن حمامة
حوار بين سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ومحمد بديع سربيه

بأمر المخرج.. لم يكتمل الحديث مع فاتن حمامة


كتب الراحل محمد بديع سربيه عام 1993:

ظل الخبر في طي الكتمان، الى أن عرفته، بالصدفة، من النجم الصديق نور الشريف، ذات ليلة رمضانية في نادي«سويس شاليه» في القاهرة!.
فقد كنا معاً على مائدة واحدة تزدان بوجود زوجته الحلوة الضاحكة دائماً النجمة الممثلة بوسي، عندما قال لي:
- على فكرة أنا مضيت النهارده مع المنتج ابراهيم شوقي، وبعد العيد حنبتدي أنا وبوسي في تمثيل فيلم لحسابه اسمه «كروانة»!.
قلت له:
• يا عزيزي نور، ألم تقل لي ولغيري ألف مرة بأن أول فيلم ستعودان به الى الشاشة، أنت وبوسي، سيكون من إنتاجكما، بحيث يكون هناك ضمان بأن يكمل سلسلة أفلامكما الرائعة، والتي حملت علامة «N.B» أي الشركة التي تملكانها..
فأجاب:
- هذا صحيح، وقد أعددنا فعلاً الفيلم الذي سيكون من إنتاجنا، والذي سيخرجه داوود عبد السيد، الذي كتب له السيناريو أيضاً، ولكن المخرج طلب مني أن نؤجل إنتاج هذا الفيلم الى وقت آخر يكون خلاله قد انتهى من إخراج فيلم فاتن حمامة.
وفاجأني كلامه فسألته:
• فاتن حمامة ستمثل فيلماً؟ على حد علمي منها شخصياً أنها وافقت على تمثيل مسلسل..
فأجاب نور الشريف:
- ما اعرفش، وكل ما أعرفه أن مدام فاتن حمامة ستبدأ تصوير الفيلم بعد العيد، ولقد وافقت أنا على تمثيل فيلم «كروانة» في الفترة التي يكون فيها داوود عبد السيد مشغولاً بإخراج فيلمها، وبعد ذلك، نمثّل، بوسي وأنا، الفيلم الذي سيكون من إنتاجنا..
وفي العاشرة من صباح اليوم التالي أمسكت بسماعة التليفون، وطلبت رقم بيت سيدة الشاشة العربية، ولم أتوقّع أبداً أن يرد أحد ليقول لي بأن المدام نايمة، ذلك لأنني أعرف بأن فاتن حمامة اعتادت أن تصحو باكراً، لأنها تنام باكراً، وقد ردت فعلاً بنفسها على التليفون، وتبادلت معها تحية الصباح والسؤال عن الصحة والأحوال ثم سألتها:
• ألم أسمع منك يا مدام فاتن منذ شهرين بأنك تستعدين لتمثيل مسلسل وليس فيلماً سينمائياً؟
فقالت:
- ده صحيح، لكن الأخبار بتتغير بين يوم ويوم، فكيف خلال شهرين لم أسمع صوتك خلالهما!.
قلت:
• عندك حق، تقصير مني ألاّ ألاحق أخبارك الفنية أولاً بأول، ولكني في الحقيقة لا أحب إزعاجك!.
فكان ردها بكل لطف وذوق:
- بالعكس..
وسألتها:
• والمهم، كيف تغيّر اتجاهك من مسلسل الى فيلم؟
فأجابت:
- أنت تعرف بأن كل اللي يهمني في أي وقت هو أن يكون هناك دور حلو، وقصة حلوة، وعندما أرسل لي المنتج حسين القلا سيناريو فيلم «أرض الأحلام» فإنه أعجبني جداً، بالرغم من أن كاتبه مؤلف جديد لم أعرفه أو أسمع به من قبل، وقد وافقت على البدء بتمثيله فوراً، لأن سيناريو المسلسل الذي سأمثّله، لم ينته بعد!.
قلت:
• حسناً، هل أعرف منك موعد التصوير، ومكانه؟
فأجابت:
- سيكون التصوير بعد العيد، وأعتقد أنه سيكون أولاً في الشوارع.
وقلت لها ضاحكاً:
• أنا تعوّدت على زيارتك في الأستديو كلما مثّلت فيلماً جديداً، ولكن مكان التصوير كان معروفاً لي وهو في الأستديو، أما في الشوارع..
فضحكت وقالت:
- لأ، هوه التصوير في الشوارع سيكون في أول يومين أو ثلاثة، ولكن بعد ذلك سيكون في شقة بمصر الجديدة لا أعرف حتى الآن أين هي، وسيكون عندي عنوانها عندما يتحدّد موعد التصوير..
وتواعدنا على لقاء تليفوني بعد العيد!.
وبعدما وضعت السماعة، عدت ورفعتها من جديد، وطلبت المنتج حسين القلا وبادرته قائلاً:
• مبروك؟
فرد قائلاً:
- على ايش؟
فقلت:
• على نجاحك في إخفاء خبر فيلم فاتن حمامة..
فضحك وقال:
- ظللت أتكتم أخبار الفيلم الى أن انتهيت من إنهاء جميع عقوده، والآن يمكن لي الكلام عنه، ألا يقول المثل: داري على شمعتك تقيد!!.
فقلت:
• برافو، وأنا أهنئك على أنك أحسنت مداراة شمعتك خشية أن يحاول أحد من زملائك المنتجين إطفاءها، ولكن، هل أخترق جدار السر والأسرار إذا ما سألتك عن الميزانية التي وضعتها للفيلم؟
فقال:
- غير محددة حتى الآن، ولكنها لن تقل عن مليوني جنيه مصري، أي ما يعادل ستمائة وخمسين ألف دولار..
فقلت:
• وهل ترى أن السوق يتحمل في هذه الفترة أفلاماً بهذه الميزانية؟
فأجاب:
- دائماً يجب أن تستثني أفلام السيدة فاتن حمامة من أية حالة يكون عليها السوق السينمائي..
قلت:
• كيف؟
فأجاب:
- أي فيلم تحمل أفيشاته إسم: «فاتن حمامة» يكون موثوقاً به من الموزعين والجمهور، ويُدفع فيه الثمن الذي يستحقه!.
وسألته:
• وهل أنت الذي اقترح على فاتن حمامة سيناريو الفيلم، ومخرجه، و..
فقاطعني قائلاً:
- هي بنفسها التي اختارت «أرض الأحلام» بين أكثر من عشرة سيناريوهات كانت أمامها، وقرأتها كلها على مهل..
.. وأيضاً تواعدت مع حسين القلا على أن ألقاه في المكان الذي سيصوّر فيه الفيلم، في الموعد الذي سأجيء فيه لزيارة السيدة فاتن حمامة، كما تعوّدت منذ سنوات طويلة، خصوصاً وأن كل زيارة جديدة لها وهي تمثّل أمام الكاميرا تذكّرني بالزيارة الأولى التي شاهدتها خلالها وهي تمثّل دور بطولة رئيسية في فيلم، بعد أن تجاوزت سن الطفولة الذي مثّلت فيه فيلميها الأول والثاني : «يوم سعيد» و«رصاصة في القلب» مع الموسيقار محمد عبد الوهاب..
وكان ذلك عندما دعاني الزميل الصحفي الراحل خليل عبد القادر في أواخر الأربعينات الى حفل شاي في مكتب مجلته «أهل الفن» لكي ألتقي فيها مع الكبار من أهل الفن، والسينما، وأسمع منهم مباشرة الكلام الذي ينفي تماماً ما كان يتردّد في تلك الأيام عن اضطهاد الفنانين العرب في مصر، ومحاولة منعهم من العمل ومزاحمة الفنانين المصريين.
وعندما دخلت مكتب الزميل خليل عبد القادر فإنني وجدت عنده الفنان الكبير يوسف وهبي، وكانت تجلس على مقربة منه شابة صغيرة وناعمة ومورّدة الخدين، فقدّمها اليّ قائلاً:
- الآنسة فاتن حمامة..
قلت:
• إنها أشهر من أن تُعرَّف، ويكفي إبداعها وهي صغيرة في فيلمي: «يوم سعيد» و«لست ملاكاً»..
فقال لي:
- وستجدها مبدعة أكثر، عندما ستشاهدها في فيلمي الجديد «ملاك الرحمة» الذي سيبدأ تصويره بعد غد، وأنا آمل أن أراك عندنا في استديو نحاس لتشاهد فاتن وهي تمثّل..
فقلت:
• سيكون ذلك من دواعي سروري..
وفعلاً، ذهبت بعد أيام الى استديو نحاس، وبقيت عدة ساعات وأنا أتفرّج على فاتن حمامة وهي تولد كبطلة سينمائية، بعد أن كانت قد مثّلت كطفلة في فيلمي عبد الوهاب، ثم، وعندما كبرت، مثّلت دورين صغيرين في فيلمي «أول الشهر» مع: صباح وحسين صدقي، وكان من إخراج عبد الفتاح حسن، و«دنيا» مع: أحمد سالم وراقية ابراهيم، وكان من إخراج: محمد كريم.